التحول الإيجابي نحو الطاقة المتجدد
وأعني بصور الطاقة المتجددة الطاقات الشمسية والرياح والمساقط المائية وحرارة باطن الأرض وحركة الأمواج والمد والجزر ودرجات الحرارة في أعماق المحيطات والبحار، إذ تعتبر الطاقة الشمسية أهمها على الإطلاق، لكون هذه الطاقات متوافرة عالمياً، ومجالا لا ينضب، ولا تحدث ضوضاء أو تلوثا في الأجواء، ويمكن ابتكار تقنيات لتصنيعها.

في الوقت الراهن.. تدرس شركات الطاقة التقليدية إمكانية التحول إلى الطاقة المتجددة خلال السنوات العشر القادمة ، ولعل ما حداها إلى هذا التحول، هو التأثيرات السلبية الناجمة عن الطاقة المعروفة من تلوث والتسبب في كوارث وتقلبات مناخية غير محمودة، إضافةً إلى رغبة الدول في بناء أرضية من الطاقة الجديدة، غير المكلفة وغير الباهظة، وتجنب ارتفاع تكاليف إنشاء المصانع والهيئات والمدن الصناعية القائمة على المصادر التقليدية، وارتفاع أو تذبذب أسعار الطاقة المشغلة لها.

وتطمح الدول من خلال تحولها هذا إلى تحسين إدارة النظم المناخية، ومحاولة إيجاد تكييف للكائنات التي تعيش في المناطق بدلاً من انقراضها، أو اندثار الكثير من الجزر والمسطحات الخضراء نتيجة الكوارث المناخية الصعبة.

ورغم الجهود الدولية لتحفيز الشركات على الدخول في شراكات محلية وإقليمية لبناء مصانع ومراكز رصد للطاقة المتجددة، إلا أنّ الكثيرين ما زال يواجه إحجاماً من أصحاب المبادرات والشباب والقطاع الخاص، وقد يكون مرجعها حداثة قطاع الطاقة المتجددة، أو قلة الأبحاث والدراسات التي تعنى بمجال الطاقة البديلة.

هذا يدفعنا إلى البحث عن الاستثمار في الطاقة البديلة وعدم الاعتماد على النفط والغاز كمورد رئيسي فقط، وأنّ العالم اليوم مطالب بصياغة إستراتيجيات عملية، لتعزيز الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة وتوظيف رؤوس الأموال لخدمتها، ودراسة تداعيات النزاعات، وتفعيل الحلول من أجل إنقاذ البيئة والاستفادة من الموارد المهدرة في ظل الصراعات.

الفرص الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط تتيح للمستثمرين توظيف رؤوس الأموال في تنقية البيئة من التلوث، والاستفادة من المخلفات في مشاريع التدوير وإعادة التصنيع والإنتاج، أضف إلى ذلك فرصة دخول شركات القطاع الخاص لتسهم في عملية التنمية وتعزيز مسارات التصنيع.

فقد دفعت الصراعات الدول إلى توجيه مشاريعنا ودراسات الجدوى نحو الاستفادة من البيئة لتكون طاقة متجددة لا تنضب، فالخبراء يدرسون في السنوات الأخيرة خيارات الاستثمار في طاقات الرياح والشمس والأمواج باستخدام تقنيات حديثة، ومثال ذلك ما تسعى إليه توقعات أوروبا بمستقبل خالٍ من الكربون وتشغيل مزارع الرياح وإدخال التكنولوجيا في أعمال الطاقة الحرارية والمائية.

وقد ذكرت في مقالة سابقة.. أننا لو أخذنا دول مجلس التعاون الخليجي مثالاً على الإعداد المستقبلي لتأمين طاقة مستدامة، فإنها انتهجت خططاً واعدة في إنشاء مصانع ومدن صناعية ومراكز بحثية، تقوم على دراسة علوم الطاقة البديلة والمتجددة.

ورغم صغر الفترة الزمنية التي بدأت فيها منطقة الخليج جهودها لتأمين الطاقة المستدامة والذي يقدر عمر البدايات بالسنوات العشر الماضية، إلا أنها بدأت بخطى حثيثة، حيث تمتلك الجزيرة العربية أكثر من "114" مشروعاً لتوليد الطاقة، يقدر إجمالي قيمتها "160"مليار دولار، ومستندةً إلى الخبرات الدولية في هذا المجال، فقد أسست العديد من المدن الصناعية العملاقة التي تقوم على إعداد بحوث في الطاقة والمصادر البديلة.
تدرس دول العالم التحول الإيجابي إلى الطاقة المتجددة، في ظل ارتفاع التكلفة الإنشائية والتشغيلية للطاقة التقليدية من الوقود الأحفوري والغاز
والذي تراه ضرورة ملحة، في عصر تفاقمت فيه التأثيرات السلبية للتغير المناخي، وفي ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية، التي أضعفت من جهود المنظمات الدولية والهيئات في سعيها الحثيث لتأمين مصادر جديدة لتأمين حياة البشر في الماء والكهرباء.
يرى خبراء الطاقة اليوم، أنّ التحول إلى الطاقة المتجددة أمر لابد منه، سواء في الوقت الراهن أو في العقود القادمة، لأنّ ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تنتج عن محطات توليد الكهرباء والوقود الأحفوري، حيث تقدر الانبعاثات العالمية حالياً بنحو "10" مليارات طن سنوياً، ومن هنا كان من الضروري الحد من أضرار تلك الانبعاثات وفيالوقت ذاته البحث عن وسائل بديلة.
ويعزز هذا التوجه دراسة ألمانية لمعهد "بروغنوز" تؤكد أنّ الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة تشبه تكلفتها تلك المولدة من التكنولوجيا التقليدية، وما دام الأمر بهذه الصورة فلم لا يتوجه الإنسان إلى طاقة لا تحدث أضراراً؟.
اتـصـل بنــا
الدعم التقني
الخدمات
مــن نــحــن
الصفحة الرئيسية
المنتجات
الدعم الفني
>